الشيخ الكوري.. وبهجة العيد في زمن الشدة





في العام الماضي، كنت في مدينة سول الكورية قبل العيد بيوم، أتمشى مع أهلي في المنطقة العربية، فقررنا الذهاب للمسجد لسؤال الإمام عن موعد صلاة العيد بالغد، لم نجد الإمام وأثناء خروجنا رأينا شيخاً كورياً يلبس الثوب العربي ويمشي بوقار لدخول المسجد..

سألته بعد السلام: متى ستقام صلاة العيد غداً؟
رد بلطف: في التاسعة صباحاً
أنا: ومتى تنصحنا بالحضور؟ لأننا نخشى الزحام
أجابني بحماس كبير: في الخامسة
          الخامسة صباحا؟! 
نعم، حتى يمكنك العثور على مكان مناسب
...
ثم أكمل حديثه عن فرحته بدخول الإسلام واختيار الله له قبل حوالي العشرين سنة، ثم قال بحزن وهو يتأمل الفراغ أمامه: زوجتي غير مسلمة وأبنائي كذلك..أنا المسلم الوحيد

تركته..بعد أن شكرته
وأنا أحاول جاهده فهم ذلك الشعور العظيم بالغربة التي يعيشها ذلك الشيخ، يصوم لوحده، يصلي لوحده، يستمتع بالعيد لوحده..كل ذلك لأجل الله..

لماذا ذكرت لكم ذلك الموقف؟
 
حتى أشعركم بالنعمة العظيمة التي نعيشها هذه الأيام حتى وإن قضينا يوم العيد لوحدنا، دون لقاء الأحبة..فلسنا في غربة. 

الغربة الحقيقية أن لا تجد من يشاركك البهجة، أن تكون بين جمع كبير من الناس دون أن يلتفت إليك أحدهم ويهنئك بعيدك، أو أن يرد عليك السلام.

الغربة هي ما يعيشها ذلك الشيخ الذي نصحني بالحضور في الخامسة فجرًا لشدة تعلقه بالعيد، ولحرصه على مكانه في المسجد كي يكون بقرب الإمام، لا يريد أن تفوته لحظة من صباح العيد وهو وحيد!

استمتع بعيدك، البس لباسك الذي تحب، وضع عطرك المفضل، واصنع قهوتك وتلذذ بها مع بعض الحلوى، دع البهجة تدخل لقلبك حتى ولو لم ترَ أحبتك، حتى ولو لم تُصلِ صلاة العيد، حتى ولو لم تشتري لباسًا جديدًا..

يكفي أنك بخير..وأنك لا تعيش هذه الغربة القصيرة لوحدك، بل الكل يعيشها مضطرًا مثلك...

        في الفيديوالتالي (صلاة عيد الأضحى)، في مدينة سول الكورية، عام 2019، لأحد الكوريين المسلمين..


عيدكم سعيد
        
        أمجاد المزيد 

تعليقات

المشاركات الشائعة